إعتزال
أقول الصِّدقَ لا أخشى العقابا___ولا لوماً من الأدنى عتابا
وأمزحُ إن خشيتُ جراح قومٍ___بألوان المزاحِ إذا أنابا
وأضحك ما بدا شرٌّ بوجهٍ___وأمدحُ ما رأت عيني خضابا
بكُلِّ صراحةٍ أحثو تراباً___بوجهِ منافِقٍ مَلِقٍ أهابا
ولا أرضى لمخلوقٍ كذوبٍ___يشنُّ الحربَ إذ صحبٌ غيابا
حبالُ الودِّ إن سلكت بعقدٍ___من الحسَّاد كان الحقدُ بابا
يُعاودُ كرَّةً أُخرى بمكرٍ___إذا فشلت محاولةٌ تغابى
أرى في الصِّدقِ بابَ الحُبِّ صَدَّاً___وإن ندهن يفتَحُ ما أرابا
يخادِعُ بعضُنا بعضاً ولكن___شرقنا إذ أذقناكَ الصَوابا
ومن يعمل من الخيراتِ يرضى___ويرضيه الإلهُ إذاأنابا
وشرُّ النَفسِ مكنونٍ بجسمٍ___تراهُ يجرُّ عن بُعدٍ خرابا
ولو صفت النفوسُ لكانَ خيراً___لأهلِ الظُّلمِ ما كانَ آقترابا
وجارٌ زاهِدٌ في ودِّ جارٍ___بَعيدٌ شرُّهُ إن دقَّ بابا
ألا للهِ ما أصبو ولكن___أُحذِّرُ من تفرُّقِنا يبابا
فللأرحامِ حقٌ نرتأيهِ___وللأنسابِ وصلٌ لو سغابا
ومن يأمُرْ بمعروفٍ يُجازى___كمثلِ القائمينَ ومن أجابا
وحُبُّ الخيرِ مجبولٌ بدَمِّي___لذا أكره من الطيرِ الغُرابا
وحيَّاتٍ لها لونٌ جميلٌ ___وملساءٌ أرى للسُّمِ نابا
أُحاذِرُ من عقارِبِ أصدقائي___وعند مطامِعٍ أضحوا كلابا
فلا ودٌ يدومُ مع البلايا___ولا وصلٌ إذا ما البذلُ بابا
فلا واللهِ ما أرضى بِحُبٍّ___يكونُ تملُقاً إن رامَ آبا
وأرضى للحبيبِ بكُلِ صدٍّ___يقولُ الصِّدقَ لو كانَ العذابا
ولو جاءَ البشيرُ بأيِّ فوزٍ___سمعتَ الندبَ منهم والسُّبابا
إذا فازَ القميءُ بأيِّ أمرٍ___رأيتَ تفاخُراً يعلو السَّحابا
وإن جارت صروفُ الدَّهرِيوماً___عرفتَ الوُدَّ من حِبٍّ أجابا
تباعَدَ كُلُّ مُحتالٍ خسيسٍ___ولم يطرق لخيرٍ منك بابا
وهذا ما نشاهدُهُ عياناً___فجُلُّ ودادِنا أضحى سرابا
وأفضَلُ ما أعاينهُ اعتزالٌ___ولا أسمع لمخلوقٍ عتابا
ولا أُشرِك مع الأخلاقِ ذنباً___أجد من ربِّنا يوماً عِقابا
وأدعو ما استطعتُ بلطفِ ربِّي___عسى ألَّا أكونَ بِهِ مُعابا
أُسامِحُ ما بدا حُبَّاً وبُغضاً___وأطمَعُ أن أكونَ بِهِ مُجابا
السَبت 17 ذو الحجَّة 1435 ه
11 أُكتوبر 2014 م
زكيَّة أبو شاويش _أُم إسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.