مجلة رواد الغد الثقافيه رئيسا مجلس الادارة الاستاذه نداء الرؤح الاستاذ علاء العجمي

الاثنين، 16 مايو 2016

جلستْ... و قالتْ **************** بقلم الشاعر احمد بوحويطا ابوفيروز

جلستْ... و قالتْ 
 في البدءِ كانَ البحرْ 
في البدءِ كانَ أزرقْ 
في البدءِ كانَ أعمقْ 
خلف جدرانهِ رأتْ ينبتُ التينُ 
ينبتُ نوعاً آخر من الخبزِ 
ينبتُ نوعاً آخرَ من الأحلامِ 
و نوعاً آخرَ من الزنبقْ 
ألبحرُ منذ البدءِ كانْ ... 
كانَ دمعة ربةٍ 
كانَ أحمقْ 
كانَ يعشقْ 
كلَّ من ركبتْ أحلامُه زورقْ 
سيغرقْ ... سيغرقْ 
جلستْ... بعضَ عامْ 
ألمصابيحُ مطفاةٌ 
ألهاتفُ مُغلقْ 
و البيتُ مُغلقْ 
تخشى طرقَ بابَ غرفتهِ 
ربما عاد مُتعباً ، ربما ... 
سأتركُه بعضَ الوقتِ ينامْ 
فلا حقَّ للمذياعِ في أغنيةٍ 
و لاحقَّ لجارتها في الكلامْ 
سأتركهُ بعض الوقتِ ينامْ 
ألصمتُ في البيتِ يكبرْ 
و الكرمةُ التي كانتْ تظللهُ إذا عادْ 
تكبرْ ، تكبرُ عاماً بعد عامْ 
فلا الزورقُ عادْ 
ولا هو عادْ 
و عدتُ أنا إلى سابقِ أحلامي 
جزيرتان عيناها و الشواطئ أجفانْ 
تضرب أحزاناً بأحزانْ 
سكانُها أحزانْ ، طيورها أحزانْ 
و الأشجارُ أحزانْ و الزهورُ أحزانْ 
تعدُّ في الشاطئِ أنفاسَ البحرْ 
على أصابعِها موجةٌ مائةٌ مائتانْ 
و هي تأتي و ترحلُ في اتجاهِ المجهول 
تُصغي إلى نبضِ القلبِ 
على إيقاعِ الموجِ يصعدُ ينزلُ 
يعضُّ على أصابعه من شدة الندمْ 
يعصره الألمْ 
ليت قلبي قالت زورقهُ 
ليت جفني كان الشراعْ 
و الكبدَ ليت كان الذراعْ 
ليت البحرَ يعي أحزاني 
يرجعُه ، أنام دهراً ملءَ أجفاني 
ليته يرجعهُ 
سأمنعهُ إذا عادْ 
من الرحيلِ سأمنعهُ 
شلواً شلواً سأجمعهُ 
على كتفي سأرفعهُ 
في حديقةِ القلبِ 
في غرفةِ النومِ 
سأغلقُ خلفه البابَ إذا عادْ 
إذا عادَ سأغلقُ حوله أجفاني 
مرت سنةٌ ... إثنانْ 
فلا الزورقُ عادْ 
ولا هو عادْ 
كان خبزاً ، كان ماءً ، كان هواءْ 
كان خريفاً ، كان ربيعاً ، كان شتاءْ 
كان فجراً ، كان صباحاً ، كان مساءْ 
هل تسمعُ قلبي 
و قلبُكَ هل يراني 
في حضنِ أي موجةٍ تنامُ الآنْ 
في حضن أي امرأةٍ تَحلمُ أنتَ الآنْ 
أم تقرأ جريدةً 
و تسكنُ بيتاً بلا جدرانْ
و هل بإمكانك أن تحلمَ كالعصافيرِ بحبةِ قمحٍ 
وأن تعودَ سالما إلى عشكَ في المساءْ 
و هل غيرتَ رأيكَ في رائحةِ خبزنا 
ترى ... أم نسيتَ طعم التينِ والزيتونِ 
و النومَ في أحضاني 
أم غيرت ْسطوتَكَ على القلبِ قارئةُ الفنجانِ 
وهل أعطاكَ الموتُ فسحةً كي تتأمل صورتي 
أم أن شرطةَ الأحلامِ صادرتْ أحلامكَ 
و صادرتْ صورتي و عنواني 
القلبُ كالفراشاتِ ، فالفراشاتُ لا تموتْ 
فإنْ احترقتْ ... 
عادتْ لكن بصيغةِ فراشٍ ثانِ 
فلا أنتَ عدتَ 
و لا الزورقُ و لا الرفاقُ 
لكي أُغيرَ من صيغةِ أحزاني 
كان زوجاً ، كان أباً ، كان طفلاَ 
كان حزناً ، كان فرحاً ، كان حفلاَ 
كان شوقاً ، كان عشقاً ، كان خلاَ 
كان برداً ، كان حَراً ، كان ظلاَ 
أما أنا ... صرت قبلةً بلا أحضانْ 
نظرةً بلا أجفانْ 
أنا كومةُ أحزانْ 
أنا بقايا إنسانْ 
بقايا إنسانٍ ليس إلا 
فلا الزورق عاد 
ولا هو عاد 
ولا الرفاق ... 
و أنا عدتُ إلى سابقِ أحزاني ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.